الكلمة الأخيرة
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والْحُلْمُ أوَّلُ خطوَةٍ في الرّيحِ
سوفَ أطلُّ من حُلُمي عليكِ
وأشتهي ما شئتُ أو ما شِئتِ من غاباتِ لوزكِ
وهْيَ تومىءُ
للفراشاتِ التي ارتعشت
على قيثارةٍ في الروحِ تختزلُ المسافةَ
كيْ توحِّدَ ذاتَها
في زُرقَتينِ
قريبتينِ
بعيدَتينِ
فليسَ أبعدَ منكِ عنّي
ليسَ أقربَ منكِ منّي
ليسَ أقربَ
ليسَ أبعدَ
من سماء الحُلْمِ عن بحرِ الحقيقةِ
زُرقتانِ
وزورقانِ
ووحده الماءُ المُهيمنُ في المدى الوهميِّ
يحتَرفُ المرايا...
ها هنا في الحُلْمِ مرآةٌ
تُباعِدُ
أو تُقارِبُ
رُبّما كُنّا وتلكَ حقيقةٌ مخفيّةٌ
فيما تعدّى ظاهرَ المرآةِ في المرآةِ
متّحديْنِ
مرئيينِ
مخفيّينِ
لا أحدٌ سيفهَمُ شيفرةَ المرآةِ الاّ نحنُ
فالمرآةُ وهمُ الحالمينَ
ووحيُ أصحابِ اليقينِ
فلا تقولي للعصافير التي ألفَتْ أنينَ الروحِ
وائتَلفَت جنونَ الريحِ
ويحَكِ... لن تمُرِّي هاهنا
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها..
في الحُلْمِ متَّسعٌ لنا...
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
والحُلْمُ آخرُ خطوةٍ للروحِ
في سفرِ النّدى
سأُطلُّ من روحي التي بلغَتْ حدودَ اللهِ
حذَّ الآهِ
واشتعَلتْ كعُصفورٍ على وَترِ المدى
لأغُطَّ ريشتيَ الوحيدَةَ في دواةِ البَحرِ
أكتُبُ في السجلاّتِ الجديدةِ سورتي
أو ما تيسَّرَ من دَمي في سيرتي
وأخطُّ صورَتِيَ الجميلةَ في كتابِ الضوءِ
إنَّ الشمسَ أجمل في المساءِ
منَ الظهيرةِ
رُبَّما اعترفتْ ضفائرُها الشفيفةُُ عند كفِّ الماءِ
بالآتي
فنامَت في سريرِ الأُرجوانِ
لكيْ تُجَدِّدَ نارَها
وأُوارَها
وتطلّ عاريةً كعادتِها
تُبَشِّرُنا بميلادِ المرايا
في نهارٍ آخرٍ لا ريبَ فيهِ...
فهل ستعترف الكواكبُ حولَ قنديلِ الثريّا
أنَّها لا تملكُ المفتاحَ للرؤيا
وأنَّ الشمسَ تنعَفُ بعضَ زينتها
قُبيْلَ النومِ حولَ سريرها الليليِّ
في أُفُقٍ يراودُ قُرصَ سُرَّتها
على عَسَلٍ إلهيٍّ
كأنَّ الشمسَ تحلُمُ مثلنا
في الحُلْمِ متَّسعٌ لها
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
والحلْمُ أوّلنا وآخرُنا
وخاتمُ يومنا
غدُنا... وسيّدُنا
سنكملُ حلْمنا بالماءِ حتّى الماءِ
في صحراء غربتِنا التي امتدَّت إلى ماءينِ
أقسَمَ رملُها أن يبقيا أبداً
على مرمى السّحابةِ في رُموشِ العينِ
بينَ البينِ
إنَّ الحُلْمَ جسر العابرينَ بأمسِهم غدَهم
ليكتَملوا
ويكتمل َ الصباحُ ببرتقالتهِ الشّهيّةِ
حولَ يافا
تلكَ مئذنةٌ هناكَ تُعلِّمُ العصفورَ
حرفتهُ الجميلةَ في العُلوِّ على جناحِ الريحِ
نحوَ الغيمِ
هل سقَطَت منَ الشّباكِ غيمتُنا الأخيرةُ
فانكسرنا مثلما انكسَرَتْ لتخفي دمعَها
في حبّةِ الليمونِ
أو لتوحِّدَ الضدّين في الندّينِ
ما بينَ الثريّةِ والثّرى
وتُعلّمَ الأطفالَ أنَّ النّجمَ يولدُ في حديقتِنا
حقيقتنا
وأنَّ الموجَ سبّحةٌ لوجهِ البحرِ
كان البحرُ سرَّ خطيئتي الأولى
يقولُ السندبادُ ويعتلي دَمَنا
ليكشفَ للعواصفِ شهوةَََ الياقوتِ
في الملكوت
تلكَ خطيئتي الأولى ورُبَّ خطيئةٍ قُدُسيّةٍ
أهدَتكَ خاتمَها وختمتها
لتبتدىء الحقيقةُ فيكَ قُدّاسَ الدّلالةِ
لي سؤالٌ واحدٌ هوَ:
منْ أنا ؟!
في الحلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
والليلُ يختَصرُ المسافةَ بيننا
ويلُمّنا
في كهفهِ السحريِّ
يَسكُنُنا
ويُسكِنُنا السكينةَ
كيْ يُسلِّمَنا وصيّتَهُ الأخيرةَ :
كلُّ شيءٍ في يَدي
وَلديَّ مفتاحُ النّهارِ
وما الحقيقةُ غير ضوءِ الحُلْمِ
خلفَ زجاجِكَ الوهميِّ
لا تترُكْ لظِلِّكَ فرصةَ التضليلِ
واختزل المسافةَ فيكَ
بينَ الحُلْمِ والتأويلِ
تكتشفِ الحقيقةَ بينَ مُزدَوَجينِ فيكَ
يُحاصِرانِ
ويحصُرانِ بكَ الأنا
سيدُلُّكَ الليلُ الطويلُ عليكَ
لا تقلقْ
فرُبَّ فراشةٍ ليليّةٍ تهديكَ حكمَتها
على عَجَلٍ
فيغمركَ السّنا...!!
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
ولنا أصابعُنا لنصطادَ الزرافةَ
حولَ أقراطِ الثُريّا
أو لرَميِ سهامِنا في قوسِ عاصفةٍ
ورثناها عنِ الصحراءِ
قبل سقوطها في البئرِ
ثمةَ نخلةٌ ظلَّت على ميعادِ نجمتنا
رويناها بزمزمِ مائنا ودمائنا
لتظلَّ تحرسنا
وتحرسُ نومنا المكسورَ في قلقِ النوارسِ
وارتباكِ البحرِ
في مدٍّ وجزرٍ قابلينِ للانزياحِ
على مداخلِ حُلْمِنا
وتَدُلُّنا
عن همزةِ الوصلِ التي سَقَطتْ
كمثلِ السيفِ عن سرجِ الحصانِ
فأسقطتنا في حراكِ الرملِ
فاحذرْ ...
يا امرأَ القيسِِ المسافرَِ في قميص الماءِ وحدَكَ
إنَّ يومكَ كلُّهُ أمرٌ
فلا تقبلْ عباءَتهم عليكَ
ستعرفُ الصحراءُ إذ قتلتكَ
أنّكَ كنتَ نخلتها الوحيدةَ... رمحَها
أو جرحَها
فاكتُب بدَمِّكَ كلْمتينِ
أخيرتينِ : أنا هُنا
فلربّما تصحو لنكمِلَ حُلْمها
ولربّما نغفو لتكملَ حُلْمنا
في الحُلمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا